سعد مسعود مشرف قسم
عدد المساهمات : 561 تاريخ التسجيل : 15/11/2012
| موضوع: نوادر التنبى ..المتنبى بائع البطيخ الجمعة نوفمبر 23, 2012 8:29 am | |
| قيل للمتنبي
قد شاع عنك من البُخل في الآفاق ، ما قد صار سَمَرا بين الرِّفاق . وأنت تمدح في شعرك الكرم وأهله ، وتذم البخلَ وأهله
ألست القائل:
ومن ينفق الساعات في جمع ماله ..... مخافة فقرٍ ، فالذي فعل الفقرُ
ومعلومٌ أن البخل قبيحٌ ، ومنك أقبح ؛ فإنك تتعاطى كِبَرَ النفس ، وعُلوَّ الهمة ، وطلبَ المُلك . والبخل ينافي ذلك
فقال
إن للبخل سببًا . وذلك أني أذكر أني وَرَدْتُ في صِبَايَ من الكوفة إلى بغداد . فأخذت خمسة دراهم بجانب منديلي ، وخرجت أمشي في أسواق بغداد . فمررت بصاحب دكان يبيع الفاكهة ، ورأيت عنده خمسة من البطيخ باكورة . فاستحسنتها ، ونويت أن أشتريها بالدراهم التي معي . فتقدمت إليه وقلت
بكم تبيع هذه الخمسة بطاطيخ ؟
فقال بغير اكتراث ] اذهب ، فليس هذا من أكلك
فتماسكت معه وقلت يا هذا ، دع ما يغيظ واقصد الثمن
قال ثمنها عشرة دارهم
فلشِدَّة ما جَبَهَنِي ( جَبَهَ : صَدَم ) به ما استطعت أن اخاطبه في المساومة . فوقفت حائراً ، ودفعت له خمسة دراهم فلم يقبل . وإذا بشيخ من التجار قد خرج من الخان ذاهبا إلى داره . فوثب إليه صاحب البطيخ من الدكان ، ودعا له ،
وقال :
يا مولاي ، هذا بطيخ باكورة . بإِجازتك ( بعد إذنك ) أحمله إلى البيت ؟
فقال الشيخ ويحك ، بكم هذا ؟
قال: بخمسة دراهم
قال بل بدرهمين
فباعَهُ الخمسةَ بدرهمين ، وحملها إلى داره ، ودعا له ، وعاد إلى دكانه مسرورا بما فعل .
فقلت :
يا هذا ، ما رأيتُ أعجب من جهلك . اسْتَمْتَ ( استام البائع على المشتري : غالى في الثمن المطلوب ) علىَّ في هذا البطيخ ، وفعلت فعلتك التي فعلت ، وكنتُ قد أعطيتك في ثمنه خمسة دراهم ، فبعتَهُ بدرهمين محمولاً
فقال: اسكت ! هذا يملك مائة ألف دينار
فعلمتُ أن الناس لا يكرمون أحدًا إكرامهم من يعتقدون أنه يملك مائة ألفِ دينار . وأنا لا أزال على ما تراهُ حتى أسمعَ الناسَ يقولون إن أبا الطيب قد ملك مائة ألف دينار . ******** الصُّبحُ المُنبي عن حيثية المتنبّي ليوسف البديعي ... مجلة الشراونة
| |
|