قصة :أحمد الليثى الشرونى
_________________
"الزهرة البخيلة"
مساحة كبيرة من الزهور يزرعها عم" مسعود "النحال كما يسمونه أهل القرية , وعلى مقربة منها يوجد منحل كبير أقامه منذ عدة سنوات , وهو رجل نشيط ومبتسم طوال الوقت ,يستيقظ قبل طلوع الشمس ليشاهد النحل وهو منطلق نحو حديقةالزهور ,يحط النحل سعيداً فوق الزهور يداعبها ثم يمتص رحيقها .
ذات صباح لاحظت زهرة أن رفيقتها التى بجوارها لايحط عليها النحل رغم أنها متفتحة فراحت تسألها :
- لماذا يارفيقتى لا يحط عليك النحل ؟
فأجابتها بغرور :
- ولماذا يحط علىَّ النحل ؟
- كى يمتص الرحيق منك مثلنا .
- أنا لاأسمح لأحد يمتص رحيقى , فهو ملك لى .
سمعت زهرة أخرى هذا الحوار وتدخلت قائلة بحدة وعنف :
- أنت زهرة بخيلة , ألم تعلمى أن دورنا فى الحياة هو إفراز العبير لكى نسعد به الناس ونكون أيضاًغذاء للنحل والحشرات الأخرى .
- ولماذا كتبت علينا سعادة الناس ؟ ولماذا أيضاً يتغذى علينا النحل كما تقولين ؟ فليذهب النحل بعيداً عنا ويتغذى على أشياء أخرى .
احتدم الخلاف بينهما وتجمعت الزهور حولهما ,وارتفعت الأصوات فتنبه العم" مسعود" لهذا التجمع وانطلق نحوهم ,وحينما وصل سأل إحدى الزهور عما يحدث ,فقصت عليه الخبر ,فتقدم واخترق جمع الزهور وقال فى أدب :
- أين الزهرة التى تمنع عبيرها عن النحل ؟
فرفعت إليه جيدها ونفضت أوراقها وردت :
- ها ...... أنا تلك الزهرة .
- ولماذا تفعلين ذلك أيتها الزهرة الرقيقة الجميلة ؟
- أنا حرة .... أمنح وامنع كيفما أشاء وليس لأحد سلطة علىَّ
- إذن طالما أنت تفهمين الحرية هكذا ,فأنا من الآن سأمنع عنك
الماء والغذاء لأنه ملك لى , وقد منحنى الله عز وجل إياه وها أنا أقدمه لك ولرفاقك فى هذه الحديقة ولكن من الآن أنت ممنوعة من الماء والغذاء ولتبحثين لك عن مصدر آخر بعيداً عنى .
ارتجفت الزهرة وشعرت بالخوف ولم تستطع أن ترد ,فقالت لها زهرة أخرى :
- ما رأيك يارفيقتى فيما سمعت ؟
- أعطونى فرصة سأفكر فى الأمر قليلاً .
رد العم مسعود :
- ليس هناك وقت للتفكير أيتها الزهرة الجميلة فالقضية محسومة ,إن الله عز وجل منحنى الماء, وها أنا أقدمه لك عن رضا, ودورك أنت إفراز العبير وتقديمه للنحل عن رضا ,ودور النحل إفراز العسل اللذيذ وتقديمه للإنسان أيضاً عن رضا, وواجب على الإنسان أن يشكر ويعبد الله عز وجل الذى منحنا كل شىء فى الوجود ,فلكل مخلوق دور فى الحياة .
سمعت الزهرة هذا الكلام من عم" مسعود " وانتابتها حالة من الحزن الشديد عما بدر منها وصاحت قائلة :
- أنا آسفة يا عم" مسعود "...... آسفة يارفاقى لقد أسأت إليكم ,وأرجو منك ياعم "مسعود" أن تنقل اعتذارى للنحل وأخبره أنه منذ الصباح الباكر سأقدم له عبيرى عن رضا وامتنان .
___________________________________