دخول المسيحيه كان من عناصر التمسك بالقوميه المصريه و مقاومة المصريين للإحتلال الأجنبى ، و فى بدايات العصر القبطى طور الأقباط وسيله تانيه هى " المقاومه السلبيه " اللى ظهرت على شكل النسك و الرهبنه. الديانه المصريه القديمه عرفت الاعتكاف و النسك فى الصحرا المتاخمه للوادى و ظهورها فى مصر فى القرن التالت الميلادى ما كانش حاجه جديده. بيتقال ان أول دير قبطى فى مصر إتأسس على ايد فرونتينوس سنة 151 فى وادى النطرون ، لكن المؤكد ان الرهبنه اتأسست فى القرن التالت لما خرج راجل صعيدى مسيحى اسمه بولا أو بولس للصحرا و اعتكف هناك للتعبد و الصلا. بعد الأنبا بولا ظهر فى الصعيد برضه القديس المعتكف المشهور أنطونيوس ، و الأنبا باخوم مؤسس الرهبنه الجماعيه ( رهبنة الشركه الكينوبيتيه )، و الأنبا شنوده اشهر اللى عادوا الديانه المصريه القديمه و ارتبط اسمه بهدم الأثار المصريه القديمه. آلاف الاقباط التفوا حوالين حركة الرهبنه و ما كانوش كلهم قديسين و لا حتى ناس صالحين متدينين فكان فيه بينهم ناس عاديين من عامة الشعب هربانين من احكام قانونيه بمعنى هربانين من القوانين الظالمه اللى كان بيمارسها الرومان على المصريين فى المحاكم المختلطه و غيرها و من جماع الضرايب و الوالى الرومانى و اعوانه. الاقباط دول لجأوا للرهبنه فى صحارى مصر كوسيله للإحتجاج و المقاومه السلبيه للمحتلين الرومان. فى الايام دى إتأسس الدير الأبيض جنب سوهاج ، و اتجمع الرهبان الأقباط فى وادى النطرون فى جنوبه عند دير السريان و دير الأنبا بشوى حالياً ، و فى شماله فى صحرة شهات ( الإسقيط ). قامت فى مصر تلت انواع من الرهبنه ، رهبنة النساك اللى بيعيشوا فى الاديره ، و رهبنة الزهاد اللى بيختلوا بنفسهم فى الصوامع الصحراويه و الجبليه ، و رهبنة المتبتلين اللى بيعيشوا اتنين او تلاته مع بعض فى المدن و بيمتنعوا عن الجواز.
اشتهر موضوع أديرة مصر فى العالم المسيحى و بقوا الاجانب يروحوا مصر عشان يشوفوا الاديره و كان منهم روفينوس و القديس أرسانيوس و الأنبا باسليوس اللى أنشأ الرهبنه فى اليونان و من الستات من نبلا الدوله الرومانيه الشرقيه و الغربيه باولا و ملانيا اللى راحت مصر مع القديس جيروم ( هير ونيموس ). من مصر انتشرت فكرة الرهبنه و الأديره. الرهبنه كانت من ابداع المصريين و اتجاوزت اثارها حدود مصر للعالم الخارجى [5].
فى العصر البيزنطى الرهبان الأقباط بقوا الجيش الروحانى و حتى الفعلى لبطريرك الكرازه المرقسيه فى اسكندريه فكان لما بيروح المجامع اللى كانت عادة بتنعقد فى اسيا الصغرى بأمر امبراطور بيزنطه لمناقشة اركان العقيده المسيحيه و مشاكلها كان البابا القبطى بياخد معاه الرهبان و جماعه اسمها " البارابولانى " ( صبوات ) ممكن يتسموا بلغة العصر " الهتافه " عشان يظهروا تأييدهم ليه فى الغربه و يهتفوا ليه فى حاجه تشبه المظاهرات كمؤيدين لزعيم الوطنيه المصريه. البابا فى الزمن ده ما كنش مجرد رئيس دينى لطايفه دينيه لكن كان رمز لمصر و للقوميه المصريه. بعد ما استقرت المسيحيه فى مصر ، الكنيسه حلت محل الديانه الرسميه القديمه فى تمثيلها للقوميه المصريه و زى ما كانت مصر فى وقت ضعفها فى العصور الفرعونيه بتلتف حوالين كبير كهنة امون - رع فى طيبه ، كل القوى الوطنيه فى العصر القبطى التفت حوالين رئيس الكنيسه المصريه " بابا و بطريرك مدينة اسكندريه ، و بلاد لوبيا ، و المدن الغربيه الخمسه ، و اثيوبيا ، و كل أرض مصر ، أبو الأباء ، أسقف الأساقفه ، الحوارى التلتاشر ، قاضى العالم " [19].
الرهبان الاقباط بقوا القوه المصريه الوحيده فى مصر اللى ممكن توازى قوة بطريرك اسكندريه و كانوا بيمثلوا زعما الشعب بدرجه اكتر بكتير من الاساقفه. البابا كيرلس السكندرى استخدم الرهبان و الصبوات ضد يهود اسكندريه المقربين من الموظفين الرومان و طردوهم فى ظرف يوم واحد من احيائهم الكبيره فى اسكندريه لضواحى المدينه. و هما اللى هاجموا استاذة الفلك و الرياضيات هيباتيا بنت الفيلسوف ثيون و قطعوها حتت و حرقوها فى صحن الكنيسه. من أسباب العنف اللى حل ده ، على عكس ما كان الحال ايام اكليمندس و أريجانوس و غيرهم من المتفقهين فى الفلسفه الهيلينيه ، إن القوميه المصريه بقى فيها اندفاع ضد كل حاجه دخيله على مصر و كل اللى بيمثل الدخيل على مصر فلسفه أو غيرها. بيقول " كريستوفر داوسون Christopher Dawson " فى كتابه " أصول أوروبا The making of Europe " إن الرهبنه المصريه نتاج أصيل للمسيحيه المصريه ، و انها جمعت ما بين حكمة الأنبا مقار و الأنبا باخوم و روحانيتهم ، و تعصب الرهبان و الصبوات اللى قتلوا هيباتيا ، و عملوا اضطرابات دمويه فى شوارع اسكندريه [20].