أبن دقيق العبد
عالم من علماء صعيد مصر ولد بمكة المكرمة ونشأ بقوص أحدى قرى صعيد مصر ودفن بسفح المقطم هذا الجبل الذى تكلمنا عنه مرارا بأن فيه غراس الجنة - هذا الجبل الذى اتخذه الاولياء والصالحين منه كهوف للعبادة مثلما سنتكلم عنه بالتفصيل فى الآثار الإسلامية وبعد ذلك من كهوف للعبادة إلى مثوى للدار الآخرة
إنه ابن دقيق العيد من قوص إلى مكة المكرمة إلى صعيد مصر إلى بلاد الشام ثم القاهرة – وقوص : هي مدينة ومركز بمحافظة قنا. وتقع علي الساحل الشرقي من النيل جنوب القاهرة بحوالي 645 كم. .
أصل التسمية
قيل انها سميت على اسم رجل اسمه "قوص" وقال أخرون أنها كلمة قبطية تعني "الكفن" لأن اهلها كانوا مهرة في دفن الموتي وتكفينهم. وقال آخرون إن اسمها يعود الي كلمة ناقوس لكثرة مابها من كنائس وأديرة كانت منتشرة بها لدرجة أن وصل عدد المذابح الكنسية إلى 365ً.
ونرجع إلى صاحب الترجمة فقال السبكى فى الطبقات هو شيخ الاسلام الحافظ الزاهد الورع الناسك المجتهد المطلق ذو الخبرة التامة بعلوم الشريعة الجامع بين العلم والدين والسالك سبيل السادة الأقدمين أكمل المتأخرين ولد بظهر البحر الملح قريبا من ساحل ينبع وابوه وأمه متوجهان من قوص للحج يوم السبت الخامس والعشرين من شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة ونشأ بقوص وتفقه بها ثم رحل الى مصر والشام وسمع الكثير وأخذ عن الشيخ عز بن عبد السلام وحقق العلوم ووصل الى درجة الاجتهاد وانتهت اليه رياسة العلم فى زمانه وشدت اليه الرحال قال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس لم أر مثله فيما رأيت ولا حملت أنثى بأجل منه فيما رأيت ورويت وكان للعلوم جامعا وفى فنونها بارعا مقدما فى معرفة الحديث ، منفردا بهذا الفن النفيس فى زمانه بصير بذلك شديد النظر فى تلك المسالك . وقد قال الشهاب محمود الكاتب المحمود فى تلك المذاهب لم تر عينى أدب منه وقال أبو حيان هو اشبه من رأينا يميل الى الاجتهاد وقال الشيخ تاج الدين السبكى ولم أر أحدا من اشياخنا يختلف فى ابن دقيق العيد هو العالم المبعوث على رأس المائة السابعة المشار اليه فى الحديث فانه أستاذ زمانه علما ودينا وله مصنفات منها الالمام فى الحديث وشرح العنوان فى أصول الفقه وكتاب فى اصول الدين وله ديوان خطب وشعر حسن مات يوم الجمعة حادى عشر صفر سنة اثنتين وسبعمائة ورثاه الشريف محمد بن محمد بن عيسى القوصى بقصيدة طويلة مطلعها :
سيطول بعدك فى الطلول وقوفـى * أروى الثرى من مدمعى المذروف
أمحمد بن على بن وهب دعوة ** من قلب مسجون الفؤاد أسيف
لو كان يقبل فيك حتفك فدية **** لفديت من علمائنا بالوفا
أو كان من حم المنايا مانع **** منعتك سمرقنا وبيض سيوف
ما كنت فى الدنيا على الدنيا إذا** ولت بمحزون ولا مأسوف
وهى بتمامها فى حسن المحاضرة وقد أوسع صاحب الطالع السعيد الكلام فى ترجمته فكتب نحو كراستين فى فضائله التى لا تحصى
وقال وكان مع اجتهاده ووفور علمه وهيبته عند الملوك خفيف الروح لطيفا على نسك وورع ودين ينشد الشعر والموشح والزجل والمواليا ويستحسن ذلك وكان كثير المكارم النفسانية والمحاسن الانسانية لكنه كان غالبا فى فاقة فيحتاج الى الاستدانة قال وحكى لى شيخنا تاج الدين محمد بن الدشناوى قال حضرت مرة عنده ليلة وهو يطلب شمعة فلم يجد ثمنها فقال لأولاده فيكم من معه درهم فسكتوا وأردت أن أقول معى درهم فخشيت ان ينكر على فانه كان اذ ذاك قاضى القضاه بمصر فكرر الكلام فقلت معى درهم فقال لم نسألك وكان الشيخ تاج الدين تلميذه وتلميذ أبيه وابن صاحبه وحكى القاضى شهاب الدين بن الكويك التاجر المكارمى قال اجتمعت به مرة فرأيته فى ضرورة فقلت له يا سيدنا ما تكتب ورقة لصاحب اليمن فكتب ورقة لطيفة فيها هذه الأبيات
تجادل أرباب الفضائل اذرأوا *** بضاعتهم موكوسة القدر والثمن
فقالوا غرسناها فلم تلق طالبا *** ولا من له فى مثلها نظر حسن
ولم يبق الا رفضهاوأطراحها *** فقلت لهم لا تعجلوا السوق باليمن
وارسلها اليه فأرسل اليه مائتى دينار واستمر يرسلها الى ان مات يعنى صاحب اليمن وهى من كلامه رضى الله عنه